فصل: سورة التحريم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (8- 12):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فحاسبناها حساباً شديداً} يقول: لم ترحم {وعذبناها عذاباً نكراً} يقول: عظيماً منكراً.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {عذاباً نكراً} مثقلة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد {فذاقت وبال أمرها} قال: جزاء أمرها.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فذاقت وبال أمرها} قال: عقوبة أمرها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً} قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {آيات مبينات} بنصب الياء، والله تعالى أعلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق أبي رزين قال: سألت ابن عباس هل تحت الأرض خلق؟ قال: نعم ألم تر إلى قوله: {خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن}؟.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال له رجل {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} إلى آخر السورة فقال ابن عباس: للرجل ما يؤمنك إن أخبرك بها فتكفر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال: وفي كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يتنزل الأمر بينهن} قال: من السماء السابعة إلى الأرض السابعة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {يتنزل الأمر بينهن} قال: السماء مكفوفة والأرض مكفوفة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال: بين كل سماء وأرض، خلق وأمر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال: بلغني أن عرض كل أرض مسيرة خمسمائة سنة، وأن بين أرضين مسيرة خمسمائة سنة، وأخبرت أن الريح بين الأرض الثانية والثالثة والأرض السابعة فوق الثرى، واسمها تخوم، وأن أرواح الكفار فيها ولها فيها اليوم حنين، فإذا كان يوم القيامة ألقتهم إلى برهوت، فاجتمع أنفس المسلمين بالجابية، والثرى فوق الصخرة التي قال الله في صخرة، والصخرة خضراء مكللة، والصخرة على الثور، والثور له قرنان وله ثلاث قوائم يبتلع ماء الأرض كلها يوم القيامة، والثور على الحوت، وذنب الحوت عند رأسه مستدير تحت الأرض السفلى وطرفاه منعقدان تحت العرش، ويقال: الأرض السفلى على عمد من قرني الثور، ويقال: بل على ظهره واسمه بهموت يأثرون أنهما نزل أهل الجنة فيشبعون من زائد كبد الحوت ورأس الثور، وأخبرت بأن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم: علام الحوت؟ قال: على ماء أسود وما أخذ منه الحوت إلا كما أخذ حوت من حيتانكم من بحر من هذه البحار، وحدثت أن إبليس تغلغل إلى الحوت فعظم له نفسه وقال: ليس خلق بأعظم منك غنى ولا أقوى، فوجد الحوت في نفسه، فتحرك فمنه تكون الزلزلة إذا تحرك، فبعث الله حوتاً صغيراً فأسكنه في أذنه، فإذا ذهب يتحرك تحرك الذي في أذنه فسكن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الضريس من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: {ومن الأرض مثلهن} قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم بتكذيبكم بها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وفي الأسماء والصفات عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله: {ومن الأرض مثلهن} قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى، قال البيهقي: إسناده صحيح، ولكنه شاذ لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي فقال: منكرعن ابن عمر، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، والعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في السماء، والحوت على صخرة، والصخرة بيد الملك، والثانية مسجن الريح، فلما أراد الله أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحاً يهلك عاداً، فقال: يا رب أرسل عليهم من الريح بقدر منخر الثور، فقال له الجبار: إذن تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم، فهي التي قال الله في كتابه: {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} [ الذاريات: 42] والثالثة فيها حجارة جهنم، والرابعة فيها كبريت جهنم، قالوا: يا رسول الله أللنار كبريت؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت لو أرسل فيها الجبال الرواسي لماعت، والخامسة فيها حيات جهنم إن أفواهها كالأودية تلسع الكافر اللسعة فلا تبقي منه لحماً على وضم، والسادسة فيها عقارب جهنم إن أدنى عقربة منها كالبغال الموكفة تضرب الكافر ضربة ينسيه ضربها حر جهنم، والسابعة فيها سقر وفيها إبليس مصفد بالحديد يدٌ أمامه ويدٌ خلفه، فإذا أراد الله أن يطلقه لما شاء أطلقه».
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كثف الأرض مسيرة خمسمائة عام، وكثف الثانية مثل ذلك، وما بين كل أرضين مثل ذلك».
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهميه عن ابن عباس قال: سيد السموات السماء التي فيها العرش، وسيد الأرضين التي نحن عليها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن كعب قال: الأرضون السبع على صخرة، والصخرة في كف ملك، والملك على جناح الحوت، والحوت في الماء، والماء على الريح، والريح على الهواء، ريح عقيم لا تلقح، وإن قرونها معلقة بالعرش.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال: الصخرة التي تحت الأرض منتهى الخلق على أرجائها أربعة أملاك ورؤوسهم تحت العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال: إن الأرضين على حوت، والسلسلة في أذن الحوت.

.سورة التحريم:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}
أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه «عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة أن أتينا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير، فدخل إلى إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود فنزلت {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} إلى {أن تتوبا إلى الله} لعائشة وحفصة {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً} لقوله: بل شربت عسلاً».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب من شراب عند سودة من العسل، فدخل على عائشة فقالت: إني أجد منك ريحاً، فدخل على حفصة، فقالت: إني أجد منك ريحاً، فقال: أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه» فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} الآية.
وأخرج ابن سعد عن عبدالله بن رافع قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} قالت: كانت عندي عكة من عسل أبيض، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلعق منها، وكان يحبسه، فقالت له عائشة: نحلها تجرش عرفطاً فحرمها، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن عبدالله بن عتيبة أنه سئل أي شيء حرم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: عكة من عسل.
وأخرج النسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراماً، فأنزل الله هذه الآية {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} إلى آخر الآية.
وأخرج الترمذي والطبراني بسند حسن صحيح عن ابن عباس قال: نزلت {يا أيها النبي لم تحرم} الآية، في سريته.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر «عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: من المرأتان اللتان تظاهرتا؟ قال: عائشة وحفصة، وكان بدء الحديث في شأن مارية أم إبراهيم القبطية أصابها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في يومها، فوجدت حفصة، فقالت: يا نبي الله لقد جئت إليَّ شيئاً ما جئته إلى أحد من أزواجك في يومي وفي داري وعلى فراشي فقال: ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟ قالت: بلى فحرمها وقال: لا تذكري ذلك لأحد، فذكرته لعائشة رضي الله عنها فأظهره الله عليه، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} الآيات كلها فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر عنها فأظهر الله يمينه وأصاب جاريته».
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك} قال: حرم سريته.
وأخرج ابن سعد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كانت عائشة وحفصة متحابتين، فذهبت حفصة إلى بيت أبيها تحدث عنده فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه حفصة فوجدتهما في بيتها فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيرة شديدة، فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم جاريته، ودخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سؤتني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لأرضينك وإني مسر إليك سراً فاحفظيه»قالت: ما هو؟ قال: «إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام رضاً فانطلقت حفصة إلى عائشة فأسرت إليها أن أبشري إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه فتاته، فلما أخبرت بسر النبي صلى الله عليه وسلم أظهر الله النبي صلى الله عليه وسلم عليه، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ذكر عند عمر بن الخطاب {يا أيها النبي، لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك} قال: إنما كان ذلك في حفصة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل أم إبراهيم منزل أبي أيوب قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتها يوماً، فوجد خلوة فأصابها، فحملت بإبراهيم، قالت عائشة: فلما استبان حملها فزعت من ذلك، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ولدت، فلم يكن لأمه لبن فاشترى له ضائنة يغذي منها الصبي، فصلح عليه جسمه وحسن لحمه وصفا لونه، فجاء به يوماً يحمله على عنقه، فقال يا عائشة كيف تري الشبه؟ فقلت: أنا غيري ما أدري شبهاً، فقال: ولا باللحم؟ فقلت: لعمري لمن تغذى بألبان الضأن ليحسن لحمه قال: فجزعت عائشة رضي الله عنها وحفصة من ذلك فعاتبته حفصة، فحرمها وأسر إليها سراً فأفشته إلى عائشة رضي الله عنها، فنزلت آية التحريم، فأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم رقبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجدت حفصة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم أم ولده مارية أم إبراهيم، فحرم أم ولده لحفصة رضي الله عنها، وأمرها أن تكتم ذلك، فأسرته إلى عائشة رضي الله عنها، فذلك قوله تعالى: {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً} فأمره الله بكفارة يمينه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} الآية، قال: كان حرم فتاته القبطية أم إبراهيم عليه السلام في يوم حفصة، وأسر ذلك إليها، فأطلعت عليه عائشة رضي الله عنها، وكانتا تظاهرتا على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فأحل الله له ما حرم على نفسه، وأمره أن يكفر عن يمينه، فقال: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الشعبي وقتادة رضي الله عنهما {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} قال: حرم جاريته، قال الشعبي: وحلف يميناً مع التحريم، فعاتبه الله في التحريم، وجعل له كفارة اليمين، وقال قتادة: حرمها فكانت يميناً.
وأخرج ابن سعد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أم إبراهيم، فقال: هي عليّ حرام، فقال: والله لا أقربها، فنزلت {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}».
وأخرج ابن سعد عن مسروق والشعبي قالا: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته وحرمها، فأنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} وأنزل {لم تحرم ما أحل الله لك}.
وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: لا تحدثي أحداً وإن أم إبراهيم عليَّ حرام، فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال: فوالله لا أقربها، فلم يقربها نفسه حتى أخبرت عائشة فأنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مسروق «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة أن لا يقرب أمته، وقال: هي عليَّ حرام، فنزلت الكفارة ليمينه وأمر أن لا يحرم ما أحل الله له».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك «أن حفصة زارت أباها ذات يوم، وكان يومها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجدها في المنزل، فأرسل إلى أمته مارية، فأصاب منها في بيت حفصة، وجاءت حفصة على تلك الحال، فقالت يا رسول الله: أتفعل هذا في بيتي وفي يومي؟ قال: فإنها عليّ حرام ولا تخبري بذلك أحداً، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأخبرتها بذلك فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} إلى قوله: {وصالح المؤمنين} فأمر أن يكفر عن يمينه، ويراجع أمته».
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية سريته بيت حفصة فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك؟ قال: فإنها عليَّ حرام أن أمسها، واكتمي هذا عليَّ، فخرجت حتى أتت عائشة، فقالت: ألا أبشرك؟ قالت: بماذا؟ قالت: وجدت مارية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فقلت: يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك؟ فكان أوّل السر أنه أحرمها على نفسه، ثم قال لي: يا حفصة ألا أَبشرك فأعلمي عائشة أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك، وقد استكتمني ذلك فاكتميه، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم} إلى قوله: {غفور رحيم} أي لما كان منك إلى قوله: {وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه} يعني حفصة {حديثاً فلما نبأت به} يعني عائشة {وأظهره الله عليه} أي بالقرآن {عرف بعضه} عرف حفصة ما أظهر من أمر مارية {وأعرض عن بعض} عما أخبرت به من أمر أبي بكر وعمر، فلم يُبْدِه {فلما نبأها به} إلى قوله: {الخبير} ثم أقبل عليهما يعاتبهما فقال: {إن تتوبا إلى الله} إلى قوله: {ثيبات وأبكاراً} فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم وأخت نوح عليه السلام، ومن الأبكار مريم بنت عمران وأخت موسى».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.